شباب الجزائر يصنعون ثرواتهم عبر الإنترنت: من الفكرة إلى المليون دينار
تحقيق صحفي استقصائي – إعداد: أرَفاز – 2025
مقدمة: جيل جديد يغيّر قواعد اللعبة
في بلدٍ كان لسنوات يعتمد على الاقتصاد الريعي والوظائف الحكومية، ظهر جيل من الشباب الجزائريين الذين قرروا قلب الموازين. لم ينتظروا التوظيف، ولم يهاجروا، بل صنعوا لأنفسهم فرصًا رقمية عبر التجارة الإلكترونية. من هواتفهم، من منازلهم، ومن صفحاتهم على الإنترنت، بنوا مشاريع حقيقية تدرّ أرباحًا بالآلاف وتوظّف غيرهم.
قصص تلهم: من فكرة صغيرة إلى مشروع مربح
يوسف، 25 عامًا من وهران، بدأ ببيع الإكسسوارات عبر إنستغرام سنة 2021. لم يكن يملك رأس مال سوى 20 ألف دينار، لكنه استثمرها في شراء كمية محدودة وتصوير احترافي. اليوم، يتحدث عن أرباح شهرية تفوق 200 ألف دينار. يقول يوسف: «السر في خدمة الزبائن والصدق في التعامل، الإنترنت لا ينسى السمعة».
هدى، 28 سنة من الجزائر العاصمة، خريجة تسويق رقمي، حولت مهاراتها إلى عمل حر عبر إدارة حملات إعلانية للمتاجر الإلكترونية. بفضل خبرتها، تجاوزت أرباحها 1.2 مليون دينار في أقل من عامين، وتدير الآن فريقًا صغيرًا من المسوّقين الشباب.
أما سفيان من قسنطينة، فقد أنشأ متجرًا لبيع منتجات تقليدية عبر الإنترنت يستهدف السوق الأوروبية. بفضل استراتيجية تسويق عبر TikTok وFacebook، صارت طلبياته تأتي من فرنسا وكندا، وبلغت أرباحه الإجمالية نحو 3 ملايين دينار جزائري سنة 2024.
الأرقام تتحدث: ازدهار صامت
- أكثر من 3500 متجر إلكتروني محلي مسجل في الجزائر سنة 2025.
- نحو 42% من الشباب بين 18 و35 سنة جربوا بيع منتجات أو خدمات عبر الإنترنت مرة واحدة على الأقل.
- زيادة قدرها 70% في استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني خلال عام واحد فقط.
- تحسن ملحوظ في خدمات التوصيل داخل المدن الكبرى بنسبة 45% مقارنة بعام 2022.
كل هذه المؤشرات تكشف عن ثورة اقتصادية صامتة يقودها الشباب من وراء الشاشات.
تحديات الواقع: بين الحلم والعقبات
ورغم النجاحات، فإن الطريق ليس مفروشًا بالورود. يواجه الشباب ثلاث عقبات رئيسية:
- صعوبة الحصول على وسائل دفع إلكترونية موثوقة، خاصة للمبتدئين في الولايات الداخلية.
- غياب التكوين في التسويق الرقمي، مما يجعل كثيرين يخسرون بسبب ضعف الترويج رغم جودة منتجاتهم.
- نقص الدعم الإداري والضريبي، فالكثير من المشاريع لا تزال غير مسجلة رسميًا خوفًا من التعقيدات.
تحليل استقصائي: لماذا ينجح البعض ويفشل آخرون؟
من خلال تتبع عشرات القصص، يتضح أن النجاح لا يتوقف على المال بل على الفكرة والانضباط. الذين ينجحون هم من يتعاملون مع تجارتهم الإلكترونية كعمل يومي منظم: تحديث محتوى، تحليل بيانات، تواصل مستمر مع الزبائن. أما الفاشلون، فهم من يتعاملون مع الإنترنت كهواية مؤقتة لا أكثر.
جدول مقارنة: التجارة الإلكترونية التقليدية مقابل الناشئة
| العنصر | النشاط التقليدي | النشاط الإلكتروني |
|---|---|---|
| التكلفة الأولية | مرتفعة (كراء، تجهيز، رخص) | منخفضة (صفحة أو موقع بسيط) |
| عدد الزبائن المحتملين | محدود بالموقع الجغرافي | غير محدود – وطني ودولي |
| وسائل الترويج | إعلانات محلية فقط | إعلانات رقمية وتحليلات بيانات |
| إمكانية النمو | بطيئة ومكلفة | سريعة ومتصاعدة |
الأسئلة الشائعة
هل يمكن فعلاً تحقيق مليون دينار من التجارة الإلكترونية؟
نعم، بشرط الالتزام بالعمل المنتظم، التسويق الذكي، واختيار المنتجات المطلوبة في السوق المحلية. العديد من الشباب تجاوزوا هذا الرقم بفضل الإعلانات الرقمية والإدارة الجيدة.
ما هو المجال الأفضل للبدء؟
المنتجات الأكثر طلبًا هي الملابس، الإكسسوارات، مستحضرات التجميل، والمنتجات المحلية ذات الطابع التقليدي. لكن الأهم هو الإبداع في الترويج.
هل يحتاج المشروع إلى تسجيل رسمي؟
في البداية لا، لكن يُفضّل التسجيل لاحقًا للاستفادة من التسهيلات القانونية والحماية التجارية.
